نوبات دورية من الحمى وآلام في البطن أو الصدر يشكو منها طفل صغير دون معرفة سبب واضح لذلك، تلك هي أعراض مرض شهير يصيب أفراد منطقة البحر المتوسط وتعرف باسم حمى البحر المتوسط، فما هي هذه الحمى، وما أسبابها، وهل يوجد علاج نهائي فعال لها، هذا ما سنعرفه في هذا المقال.
ما هي حمى البحر المتوسط؟
مرض وراثي عائلي من أمراض المناعة الذاتية يصيب المقيمين في دول منطقة البحر المتوسط، ويشتهر بنوبات متكررة من الالتهاب والحمى ويظهر لدى الأطفال عادةً في سن مبكر، لكن هذا لا يمنع ظهوره في فترات لاحقة لدى البالغين.
ما أسباب الإصابة بحمى البحر المتوسط؟
حمى البحر المتوسط هي مرض وراثي ينتقل من واحد أو كلا الوالدين، ويحدث بسبب طفرة جينية تصيب جين (MEFV)، والذي يُعد مسؤولًا عن إنتاج نوع من البروتين يسمى بيرين (Pyrin).
يعمل جين MEFV المتحور على تقليل نشاط بروتين البيرين الموجود في الجهاز المناعي، ما يسبب مشاكل في تنظيم الالتهاب في الجسم، ينتج عن ذلك بقاء الجسم في حالة التهاب فترة طويلة، ما يؤدي إلى ظهور أعراض الحمى والألم في البطن أو الصدر أو المفاصل.
تزداد فرصة الإصابة بحمى البحر المتوسط مع توافر عوامل الخطورة التالية:
1- وجود تاريخ مرضي عائلي لإصابة أحد الأفراد بحمى البحر المتوسط.
2- الموقع الجغرافي في المنطقة حول البحر المتوسط مثل شمال إفريقيا، أو اليونان، أو تركيا، أو إيطاليا.
ما أعراض الإصابة بحمى البحر المتوسط؟
تظهر أعراض حمى البحر المتوسط عادةً في سن الطفولة، وتبدأ لدى معظم الأشخاص بعلامة أولية وهي التشمع، في هذا المرض يتراكم بروتين الأميلويد A في أعضاء الجسم وخاصة الكلى ما يسبب التهابًا ويتداخل مع وظائفها.
تسبب حمى البحر المتوسط نوبات من ارتفاع شديد في درجات الحرارة يصل إلى 40 درجة مئوية قد يستمر عدة أيام. قد يشعر أيضًا مريض حمى البحر المتوسط بآلام وتورم في المفاصل خاصةً في الركبة أو الكاحل.
قد تسبب حمى البحر المتوسط هذه الأعراض أيضًا:
- طفح جلدي أحمر على الساق أو الكاحلين أو القدمين.
- ألم شديد في البطن.
- ألم في الصدر.
- آلام العضلات.
- إمساك يليه إسهال.
- انتفاخ وألم في كيس الصفن.
تنتهي عادةً نوبات الحمى تلقائيًا بعد بضعة أيام يعود بعدها المريض إلى نشاطه وحياته الشخصية. تتراوح المدة الخالية من الأعراض بين عدة أيام إلى عدة سنوات.
يمكن لبعض العوامل أن تثير نوبات الحمى مثل:
- التعرض للعدوى.
- الإجهاد الشديد.
- ممارسة تمرينات شاقة.
- التعرض لصدمة جسدية أو عاطفية.
- بداية الدورة الشهرية.
ما خطوات تشخيص الإصابة بحمى البحر المتوسط؟
يمر تشخيص وتأكيد الإصابة بحمى البحر المتوسط بعدة خطوات منها:
1- السؤال عن الأعراض والاستماع لشكوى المريض أو والديه.
2- معرفة تاريخ العائلة المرضي، إذ أن مرض حمى البحر المتوسط وراثي ينتقل بين أفراد العائلة.
3- تحاليل الدم: للبحث عن علامات الالتهاب مثل ارتفاع مستويات بعض خلايا الدم البيضاء، أو ارتفاع معدل ترسيب كرات الدم الحمراء (ESR)، أو ارتفاع بروتين سي التفاعلي (CRP).
4- تحليل البول: إذ وُجدت كميات كبيرة من البروتين أو كميات صغيرة من الدم في البول، قد يدل ذلك على وجود مشاكل في الكلى المرتبطة بهجمات حمى البحر المتوسط، يرتبط كذلك وجود البروتين في البول على الإصابة بالتشمع.
5- الاختبار الجيني: قد نلجأ أحيانًا إلى اختبار الحمض النووي لمعرفة ما إذا كان لدى المصاب طفرات من جين MEFV. ولكن هناك المئات من الطفرات المحتملة لـ MEFV، لذلك من الممكن أن يكون الاختبار الجيني سلبيًا كاذبًا.
هل يمكن علاج مرض حمى البحر المتوسط؟
لا يوجد علاج نهائي لمرض حمى البحر المتوسط، ولكن يوجد بعض العلاجات لمنع وتخفيف الأعراض، والحماية من تكرار النوبات، والوقاية من المضاعفات.
1- الكولشيسين Colchicine
العلاج الأول لمرض حمى البحر المتوسط، يجب الانتظام عليه بمعدل قرص أو اثنين يوميًا أو كما سيصف لك الطبيب حتى يصبح فعالًا. يعمل هذا الدواء على التحكم في الالتهاب والوقاية من التشمع، كما يمكنه منع نوبات الحمى، لكنه لن يساعد المصاب إذا كان يمر بنوبة بالفعل.
قد يسبب الكولشيسين بعض الآثار الجانبية مثل:
- آلام البطن والإسهال.
- الغثيان أو القيء أو تقلصات البطن.
- في حالات نادرة قد يسبب الكولشيسين ضعف العضلات.
2- حاصرات IL-1
إذا لم يعمل الكولشيسين بشكل فعال، أو كان المريض لا يستطيع تحمل آثاره الجانبية فقد تساعد الأدوية التي تمنع إنترلوكين -1، وهو بروتين مرتبط بالالتهاب في حالات حمى البحر المتوسط.
3- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية والمسكنات:
قد تساعد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) وأدوية الألم أو المسكنات في تخفيف الحمى أو آلام المفاصل أثناء النوبة.
هل يسبب مرض حمى البحر المتوسط أي مضاعفات؟
يمكن السيطرة على أعراض مرض حمى البحر المتوسط بشكل كبير من خلال الأدوية وخاصة الكولشيسين كما ذكرنا، لكن إذا تم إهمال العلاج وعدم الالتزام بالجرعات ومواعيدها فقد يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة.
1- التشمع:
قد ينتج جسمك بروتينًا يسمى الأميلويد A أثناء هجمات الحمى، قد يؤدي تراكم هذا البروتين تلف الأعضاء.
2- تلف الكلى:
قد يؤثر التشمع إلى آثار سلبية على الكلى، مثل تلف أنظمة الترشيح في الكلى وفقدان كميات كبيرة من البروتين في البول
3- ألم والتهاب المفاصل:
يظهر ذلك خاصة في مفاصل الركبتين والكاحلين والوركين.
4- العقم:
قد يؤثر الالتهاب غير المعالج الناتج عن حمى البحر المتوسط على الأعضاء التناسلية، مما يسبب العقم.
وضحنا في السطور السابقة ما هي حمى البحر المتوسط وما هي أسبابها وكذلك طريقة العلاج لتجنب أي مضاعفات والاستمتاع بالحياة بصورة طبيعية، ونؤكد على أهمية المتابعة مع طبيب ثقة ذو علم حتى يستطيع معك وضع خطة علاجية مناسبة.